أقسم الله بلياليها فقال: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)[الْفَجْرِ: 1]، وكل عمل صالح فيها أحب إلى الله ما لو كان في غيرها، قال عليه الصلاة والسلام: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء” (رواه أبو داود).
فأكثِروا فيها من العمل الصالح من ذِكْر الله وتلاوة كتابه العظيم، قال عز وجل: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)[الْحَجِّ: 28].
ومما يُستحب في العشر: صيام التسعة الأولى منها، خُصَّ منها يوم عرفة لغير الحاج لمزيد من الفضل، فصيامه يكفِّر السنةَ الماضيةَ والباقيةَ، ومن العمل الصالح فيها المزيد من البر والإحسان إلى الوالدين والناس وصلة الرحم والصدقة والإكثار من نوافل العبادات، فالسعيد من اغتنم مواسم الخيرات قبل فواتها، وَبَادَرَ بالأعمال الصالحة ونافس السابقين فيها، والحياة مغنم للعباد، والموفَّق مَنْ عُدَّ في المحسنين.
ومن الأعمال الصالحة ذبح الأضحية يوم العيد وأيام التشريق، ومن أراد أن يضحي فلا يَأْخُذْ من شَعْرِهِ ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئا بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي، أما الوكيل على الأضحية أو المضحَّى عنه فلا يلزمه شيء من ذلك.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم وَزِدْ وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين؛ الذين قَضَوْا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعُمَر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم سلم الحجاج والمعتمرين، واحفظهم بحفظ واكلأهم برعايتك، وأعدهم إلى بلادهم سالمين غانمين مأجورين، واجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا يا شكور يا غفور.
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم وفق وأعظم الأجر والمثوبة لكل من خدم الحجاج والمعتمرين، وارفع درجاتهم في عليين وفرج كروبهم يا قوي يا عزيز.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].
اللهم أمن حدودنا واحفظ جنودنا وانصرهم بنصرك القوي العزيز يا رب العالمين،
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23].
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90].